کد مطلب:239462 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:157

الجواب عن السؤال
لعل سر انحراف العباسیین عن المأمون الی أخیه الأمین یرجع الی أن الأمین كان عباسیا، بكل ما لهذه الكلمة من معنی :

فأبوه : هارون ...



[ صفحه 157]



و أمه : « زبیدة »، حفیدة المنصور، هاشمیة [1] ، و التی لو نشرت شعرها ، لما تعلقت - علی ما قیل - [2] الا بخلیفة، أو ولی عهد، و التی كانت أعظم عباسیة علی الاطلاق ..

و كان فی حجر الفضل بن یحیی البرمكی، أخی الرشید من الرضاعة، و أعظم رجل نفوذا فی بلاط الرشید ..

و كان یشرف علی مصالحه الفضل بن الربیع، العربی، الذی كان جده من طلقاء عثمان، والذی لم یكن ثمة من شك فی ولائه للعباسیین .

أما المأمون :

فقد كان فی حجر جعفر بن یحیی، الذی كان أقل نفوذا من أخیه الفضل .

و كان مؤدبه، و الذی یشرف علی مصالحه، ذلك الرجل الذی لم یكن العباسیون یرتاحون الیه بشكل خاص ؛ لأنه كان متهما بالمیل الی العلویین . و الذی كانت العداوة بینه و بین مربی الأمین، الفضل بن الربیع علی أشدها، ذلك الرجل الذی أصبح فیما بعد وزیرا للمأمون، و مدبرا لاموره، و أعنی به : « الفضل بن سهل الفارسی »، و قد



[ صفحه 158]



مل العباسیون الفرس، و خافوهم؛ و لذا سرعان ما استبدلوهم بالأتراك و غیرهم ..

أما أم المأمون .. فقد كانت خراسانیة غیر عربیة، و قد ماتت أیام نفاسها به ، و حتی لو كانت علی قید الحیاة، فانها - و هی أشوه، و أقبح، و أفذر جاریة فی مطبخ الرشید - لن تستطیع أن تكون مثل زبیدة عظمة، و نفوذا ولو قلنا ان موتها كان فی مصلحة المأمون لما عدونا الحقیقة، كیف و قد بلغ من مهانتها - فی نظر الناس - أن كان المأمون یعیر بها ..

فهذه زینب بنت سلیمان، التی كانت عند بنی العباس بمنزلة عظیمة، عندما لم یحضر المأمون جنازة ابنها، و اكتفی بارسال أخیه صالح من قبله، تغضب، و تقول لصالح : « قل له : یابن مراجل، أما لو كان یحیی بن الحسین بن زید، لوضعت ذیلك علی فیك، و عدوت خلف جنازته .. » [3] .

و الرقاشی الشاعر یمدح الأمین، و یعرض بهجاء المأمون، فیقول :

لم تلده أمة تعرف فی السوق التجارا

لا و لا حد، و لا خان، و لا فی الخزی جارا [4] .



یعرض بالمأمون، و أن أمه كانت أمة تباع، و تشری فی الأسواق ..

بل ان نفس الأمین قد عیر أخاه بأمه، فقال :



و اذا تطاولت الرجال بفضلها

فاربع فانك لست بالمتطاول



[ صفحه 159]



أعطاك ربك ما هویت و انما

تلقی خلاف هواك عند « مراجل »



تعلو المنابر كل یوم آملا

ما لست من بعدی الیه بواصل [5] .



و قد أقذع فی هجائه، حین كتب الیه أیام الفتنة بینهما بقوله :



یابن التی بیعت بأبخس قیمة

بین الملا فی السوق هل من زائد



ما فیك موضع غرزة من ابره

الا و فیه نطفة من واحد



فأجابه المأمون :



و انما أمهات الناس أوعیة

مستودعات و للأماء أكفاء



فرب معربة لیست بمنجبة

و طالما أنجبت فی الخدر عجماء [6] .



و أخیرا ... فان خیر ما یصور لنا الحالة المعنویة التی كان یعانی منها المأمون، هو قول دعبل مخاطبا له :



انی من القوم الذین سیوفهم

قتلت أخاك، و شرفتك بمقعد



شادوا بذكرك بعد طول خموله

و استنقذوك من الحضیض الأوهد [7] .


[1] و في الفخري في الآداب السلطانية ص 212، و مروج الذهب ج 3 ص 396، و النجوم الزاهرة ج 2 ص 159، و تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 303، و تاريخ اليعقوبي ج 3 ص 162 : « أنه لم يتفق لخليفة عباسي أن يكون عباسي الأب و الام، غير الأمين » ... و لا بأس أيضا بمراجعة، مختصر التاريخ ص 130، و مآثر الانافة في معالم الخلافة ج 1 ص 203، و ابن بدرون في شرح قصيدة ابن عبدون ص 243، و زهر الآداب ج 2 ص 993 ، طبع دار الجيل.

[2] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 306.

[3] الكامل لابن الأثير ، طبع دار الكتاب العربي ج 5 ص 230، و الامام الصادق و المذاهب الأربعة المجلد الثاني جزء 4 ص 493.

[4] المعارف لابن قتيبة، طبع سنة 1300، و الفخري في الآداب السلطانية ص 212.

[5] تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 304.

[6] غاية المرام في محاسن بغداد دار السلام للعمري الموصلي ص 121.

[7] معاهد التنصيص ج 1 ص 202، و وفيات الأعيان، طبع سنة 1310 ه . ج 1 ص 179، و تاريخ الخلفاء ص 324، و الشعر و الشعراء ص 540 ،539، و الغدير ج 2 ص 376، و العقد الفريد، طبع دار الكتاب العربي ج 2 ص 196، و تاريخ التمدن الاسلامي، المجلد الثاني جزء 3 ص 115، و زهر الآداب طبع دار الجيل ج 1 ص 134 و الكني و الألقاب ج 1 ص 331 و ربيع الابرار ج 1 ص 743.